قوله (لا إِكراهَ في الدّينِ) أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر المزكي أخبرنا زاهد بن أحمد أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب قال: حدثني يحيى بن حكيم قال: حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كانت المرأة من نساء الأنصار تكون مقلاة فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده فلما أجليت النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا: لا ندع أبناءنا فأنزل الله تعالى (لا إِكراهَ في الدّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُشدُ مِنَ الغَيِّ).
أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل قال: حدثنا محمد بن يعقوب قال: أخبرنا إبراهيم بن مرزوق قال: حدثنا وهب بن جرير عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى (لا إِكراهَ في الدّينِ) قال: كانت المرأة من الأنصار لا يكاد يعيش لها ولد فتحلف لئن عاش لها ولد لتهودنه فلما أجليت بنو النضير إذا فيهم أناس من الأنصار فقالت الأنصار: يا رسول الله أبناؤنا فأنزل الله تعالى (لا إِكراهَ في الدّينِ) قال سعيد بن جبير: فمن شاء لحق بهم ومن شاء دخل في الإسلام.
وقال مجاهد: نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار كان له غلام أسود يقال له صبيح وكان يكرهه على الإسلام.
وقال السدي: نزلت في رجل من الأنصار يكنى أبا الحصين وكان له ابنان فقدم تجار الشام إلى المدينة يحملون الزيت فلما أرادوا الرجوع من المدينة أتاهم ابنا أبي الحصين فدعوهما إلى النصرانية فتنصرا وخرجا إلى الشام فأخبر أبو الحصين رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اطلبهما فأنزل الله عز وجل (لا إِكراهَ في الدّينِ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبعدهما الله هما أول من كفر قال: وكان هذا قبل أن يؤمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال أهل الكتاب ثم نسخ قوله (لا إِكراهَ في الدّينِ) وأمر بقتال أهل الكتاب في سورة براءة.
وقال مسروق كان لرجل من الأنصار من بني سالم بن عوف ابنان فتنصرا قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم ثم قدما المدينة في نفر من النصارى يحملون الطعام فأتاهما أبوهما فلزمهما وقال: والله لا أدعكما حتى تسلما فأبيا أن يسلما فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أيدخل بعضي النار وأنا أنظر فأنزل الله عز وجل (لا إِكراهَ في الدّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُشدُ مِنَ الغَيِّ) فخلى سبيلهما.
أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد المقري أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محفوظ قال: حدثنا عبد الله بن هاشم قال: أخبره عبد الرحمن بن المهدي عن سفيان عن خصيف عن مجاهد قال: كان ناس مسترضعين في اليهود قريظة والنضير فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإجلاء بني النضير قال أبناؤهم من الأوس الذين كانوا مسترضعين فيهم لنذهبن معهم ولندينن بدينهم فمنعهم أهلهم وأرادوا أن يكرهوهم على الإسلام فنزلت (لا إِكراهَ في الدّينِ) الآية.
قوله (وَإِذ قالَ إِبراهيمُ رَبِّ أَرِني كَيفَ تُحيي المَوتى) الآية. ذكر المفسرون السبب في سؤال إبراهيم ربه أن يريه إحياء الموتى. أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا شعيب بن محمد قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: حدثنا أبو الأزهر قال: حدثنا روح قال: حدثنا سعيد عن قتادة قال: ذكر لنا أن إبراهيم أتى على دابة ميتة قد توزعتها دواب البر والبحر قال: رب أرني كيف تحيي الموتى وقال حسن وعطاء الخراساني والضحاك وابن جريج: كانت جيفة حمار بساحل البحر. قال عطاء بحيرة طبرية قالوا: فرآها قد توزعتها دواب البر والبحر فكان إذا مد البحر جاءت الحيتان ودواب البحر فأكلت منها فما وقع منها يقع في الماء وإذا جذر البحر جاءت السباع فأكلت منها فما وقع منها يصير تراباً فإذا ذهبت السباع جاءت الطير فأكلت منها فما سقط قطعته الريح في الهواء فلما رأى ذلك إبراهيم تعجب منها وقال: يا رب قد علمت لتجمعنها فأرني كيف تحييها لأعاين ذلك وقال ابن زيد: مر إبراهيم بحوت ميت نصفه في البر ونصفه في البحر فما كان في البحر فدواب البحر تأكله وما كان في البر فدواب البر تأكله فقال له إبليس الخبيث: متى يجمع الله هذه الأجزاء من بطون هؤلاء فقال: رب أرني كيف تحيي الموتى قال: أولم تؤمن قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي بذهاب وسوسة إبليس منه.
أخبرنا أبو نعيم الأصفهاني فيما أذن لي في روايته قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن سهل قال: حدثنا سلمة بن شبيب قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان قال: حدثنا أبي قال: كنت جالساً مع عكرمة عند الساحل فقال عكرمة: إن الذين يغرقون في البحار تقسم الحيتان لحومهم فلا يبقى منهم شيء إلا العظام فتلقيها الأمواج على البر فتصير حائلة نخرة فتمر بها الإبل فتأكلها فتبعر ثم يجيء قوم فيأخذون ذلك البعر فيوقدون فتخمد تلك النار فتجيء ريح فتسفي ذلك الرماد على الأرض فإذا جاءت النفخة خرج أولئك وأهل القبور سواء وذلك قوله تعالى (فَإِذا هُم قِيامٌ يَنظُرونَ).
وقال محمد بن إسحاق بن يسار إن إبراهيم لما احتج على نمرود فقال: ربي الذي يحيي ويميت وقال نمرود أنا أحيي وأميت ثم قتل رجلاً وأطلق رجلاً. قال: قد أمت ذلك وأحييت هذا قال له إبراهيم: فإن الله يحيي بأن يرد الروح إلى جسد ميت فقال له نمرود: هل عاينت هذا الذي تقوله ولم يقدر أن يقول نعم رأيته فتنقل إلى حجة أخرى ثم سأل ربه أن يريه إحياء الموتى لكي يطمئن قلبه عند الاحتجاج فإنه يكون مخبراً عن مشاهدة وعيان.
وقال ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي: لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً استأذن ملك الموت ربه أن يأتي إبراهيم فيبشره بذلك فأتاه فقال: جئتك أبشرك بأن الله تعالى اتخذك خليلاً فحمد الله عز وجل وقال: ما علامة ذلك قال: أن يجيب الله دعاءك وتحيي الموت بسؤالك ثم انطلق وذهب فقال إبراهيم: رب أرني كيف تحيي الموتى قال: أولم تؤمن قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي بعلمي أنك تجيبني إذا دعوتك وتعطيني إذا سألتك أنك اتخذتني خليلاً.
قوله تعالى (الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُم في سَبيلِ اللهِ) الآية قال الكلبي: نزلت في عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف أما عبد الرحمن بن عوف فإنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأربعة آلاف درهم صدقة فقال: كان عندي ثمانية آلاف درهم فأمسكت منها لنفسي ولعيالي أربعة آلاف درهم وأربعة آلاف أقرضتها ربي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت.
وأما عثمان رضي الله عنه فقال: علي جهاز من لا جهاز له في غزوة تبوك فجهز المسلمين بألف بعير بأقتابها وأحلاسها وتصدق برومة ركية كانت له على المسلمين فنزلت فيهما هذه الآية.
وقال أبو سعيد الخدري: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعاً يده يدعو لعثمان ويقول: يا رب إن عثمان بن عفان رضيت عنه فارض عنه فما زال رافعاً يده حتى طلع الفجر فأنزل الله تعالى فيه (الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُم في سَبيلِ اللهِ) الآية.
قوله (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا أَنفِقوا مِن طَيِّباتِ ما كَسَبتُم) الآية أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد الصيدلاني قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن نعيم قال: حدثنا أحمد بن سهل بن حمدويه قال: حدثنا قيس بن أسيف قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر بصاع من تمر فجاء رجل بتمر رديء فنزل القرآن (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا أَنفِقوا مِن طَيِّباتِ ما كَسَبتُم وَمِمّا أَخرَجنا لَكُم مِّنَ الأَرضِ َولا تَيَمَّموا الخَبيثَ مِنهُ تُنفِقونَ).